مسلسل “البوابات السبع” للمخرج “محمد عبدالعزيز” يضع الانتاج الدرامي السوري على الخط الصحيح, ويفتح باب ثامن من نمط الانتاج الذي لن يُغلق بعد الآن, لأنه يُعتبر بداية نمط درامي جديد يُدخل الدراما السورية في تحديات تتخطى الحدود, فالسيد “عبدالعزيز” أعاد تجربة ثورة الخيال العلمي الهوليوودية في الحمسينيات الآن في سوريا, وهذا أمر شديد الصعوبة ويتطلب رؤية فردانية وجرأة يتصف بها ابن شارع شيكاغو بكل أعماله.
وهنا اقتبس من مقالة للسيد “محمد السماك” خبير القصص المصورة في منصة سيناتوبيا : ” انه في أواخر الخمسينيات، عندما عُرضت الحلقة الأولى من مسلسل الخيال العلمي “ستار تريك” على التلفزيون الأمريكي، قوبل العمل بآراء سلبية للغاية، ورفضه الجمهور رفضًا قاطعًا. فقد كانت فكرته، التي تناولت الفضاء والمخلوقات والحضارات الفضائية، غير مقبولة في ذلك الوقت. ومع ذلك، أظهر المنتج وصاحب الفكرة إصرارًا كبيرًا، إذ كان يمتلك رؤية واضحة وسعى إلى تحقيقها، مؤمنًا بأن الجمهور مع مرور الوقت سيتقبل العمل وسيحبه. لذلك، قام بتغيير جميع الممثلين باستثناء واحد، وكتب قصة جديدة. والنتيجة اليوم، فقد أصبحت “ستار تريك” أعظم سلسلة خيال علمي في التاريخ، ويتجلى ذلك في استمرارها حتى يومنا هذا، حيث تضم أكثر من سبعة مسلسلات، وثلاثة عشر فيلمًا، ومئات الروايات.”
![](https://cinatopia.com/wp-content/uploads/2025/02/web-5-1024x576.jpg)
بالطبع لا يمكن ومن غير العادل النظر للعمل على انه إنتاج هوليوودي فائق التقنية والميزانية ومن غير المنصف وضعه بمقارنات من شأنها إفشاله, فهنا يجب العلم أن هذه التجربة الوحيدة والاولى من نوعها في سوريا وحتى في الوطن العربي بهذا الشكل الطموح, ويجب قراءة هذه التجربة بتجرد تام. لذلك سأذكر بعض النقاط السلبية بهدف التحسين والتطوير.
قصة المسلسل واسعة وغنية وتحتاج لأكثر من موسم لتغطية كافة تفاصيلها, وفي الواقع اعطاء بعد اسطوري وخيالي للتراث والتاريخ السوري هو أمر مذهل, يفتح البصيرة والأفق, ويعطي ذلك التاريخ السحيق ما يستحق فعلاً.
لكن لم يتمكن المخرج من ضبط الهوية البصرية لتلك القصة بشكل كافي, فكان الثيم عشوائي بعض الشيئ, مما عكس شكل سطحي للديكورات الداخلية وخصوصاً في الأماكن الزمنية المستقبلية, لكن بالمقابل كانت اماكن الزمن الحاضر والقديم ممتازة جداً
![](https://cinatopia.com/wp-content/uploads/2025/02/web-6-1024x576.jpg)
أما السيناريو ما يزال غير ناضج كفاية للتعاطي مع مصطلحات هذه القصة الفريدة, وكان بالإمكان إما تحسين ادارة الحوارات أو تحسين طريقة ايصال تلك المفردات بطرق اكثر سلاسة. وركاكة بعض فقرات النص أدت لاحقاً بإرتباك بعض الممثلين بأداء مشاهدهم, وكان واضح التصنع عند غالبية الممثلين الذين لم يتمنكوا من التقاط البعد النفسي لشخصياتهم, والذي كان بسبب وجود فراغ واضح بينهم وبين الشخصيات التي يؤدونها, فيبدوا وكأنهم لم يتمكنوا من بناء لغة مشتركة بين بعضهم.
لكن مع ذلك ! التمثيل لم يكن سيئ, بل على العكس كان هناك أدوار رائعة وخصوصاً من الممثلة “سلاف فواخرجي” والممثل “جوان الخضر” والأكثر ابداعاً برأيي كانت الممثلة “مروة الأطرش” التي أبدعت في دور الصماء “كاتيا” التي كانت هي الأفضل من الناحية التمثيلية وهي الأكثر ارتباطاً بشخصيتها وبالقصة وببيئتها.
![](https://cinatopia.com/wp-content/uploads/2025/02/web-3-1024x576.jpg)
اما بطلة المسلسل الأكثر محورية “رنا ريشة” فهي تمتلك الكاريزما المطلوبة, واختيارها موفق جداً من هذه الناحية حيث انها قدمت مشاهد حركية وقتالية جيدة, لكن من الناحية التمثيلية فقد حصلت بعض المبالغة بردود الأفعال ببعض اللقطات لكن تتوضح أسباب تلك الإنفعالات مع تقدم الأحداث, وبذلك تُثبت الممثلة “رنا ريشة” قدرتها القيادية لأدوار معقدة كشخصية “تمارة”.
وأهم ما ميز الطاقم التمثيلي برأيي هو الأدوار النسائية التي كان من شأنها كسر نمطية المرأة السورية التي أطرتها شركات الإنتاج عبر سنوات بأدوار نمطية مكررة وقصيرة الأفق, ووضعتها في سجون تمثيلية ضيقة لم تتمكن بسببها الممثلات السوريات المبدعات من الكشف عن قدراتهن بحرية, واظهار حقيقتها كما يجب أن تكون في الواقع وعلى الشاشة.
![](https://cinatopia.com/wp-content/uploads/2025/02/web-4-1024x576.jpg)
أما من الناحية التقنية فتم استخدام التأثيرات البصرية بشكل مفرط جداً وغير مبرر في بعض المشاهد, مما أثر بشكل سلبي على أصالة المشهد, فالتأثيرات البصرية الجيدة يجب أن تضمن بقاء المشهد ضمن الإطار المنطقي للرؤية بمعايير الثيم المعمول فيه, وزيادتها أو نقصانها يؤدي لنفس النتيجة بكسر الصلة المنطقية بين المشهد وعين المشاهد
![](https://cinatopia.com/wp-content/uploads/2025/02/WEB-2-1024x899.jpg)
بالنهاية ان مسلسل “البوابات السبع” هو تجربة فريدة ستفتح آفاق غير مسبوقة وستشجع العديد من المخرجين والشركات للمنافسة, وكان لا بد من أن يبدأ ذلك الفصل أحداً ما, وبالطبع دائماً يكون المخرج المميز والسباق “محمد عبدالعزيز”
![](http://cinatopia.com/wp-content/uploads/2023/04/For-Cina-web.jpg)
CEO-Founder of Cinatopia
Movie Critic