بعد نفاذ مخزون الطلاء الزهري، انطلقت عروض “باربي” التي انتظرها الجمهور بترقب تحت سؤال واحد، أهو فيلم للأطفال؟ أم هو عكس ما توحي به حملاته الترويجية الضخمة؟ الجواب في الفيلم الذي فاقت حبكته التوقعات ومزجت بين المرح والعمق. استوحت المخرجة “غريتا غرويغ” فيلمها هذا من ماركة الألعاب التي أشرفت شركة “ماتيل” على إنتاجها وبيعها وتوزيعها، فهناك تقارير تشير إلا أن كل دقيقة تباع حوالي 15 دمية منها عالميًا، إنها “باربي” دمية الأزياء والتي طرحت في نهاية الخمسينات، ويعود الفضل في بدأ قصتها وتصميمها سيدة أعمال أمريكية تدعى “روث هاندلر”. اسم باربي الحقيقي الكامل هو باربارا ميليسنت روبرتس. كانت روث هاندلر تشاهد ابنتها باربارا وهي تلعب بدمى مصنوعة من الورق ولاحظت أنها كانت تستمتع كثيرًا بالتعامل مع الدمى على أساس أنهم أشخاص كبار. وفي ذلك الوقت كانت معظم دمى الأطفال على شكل أطفال صغار.
وعندما لاحظت هاندلر أن هناك فجوة في السوق كونه لا يلبي احتياجات الأطفال من الدمى اللاتي تجاوزن مرحلة الطفولة، فقد اقترحت على زوجها “إليوت” وهو شريك في شركة “ماتيل” فكرة تصميم دمية لها جسد امرأة. لم يتحمس التنفيذيون حيال الموضوع ولا زوجها أيضا لكن المنافسة الألمانية إثر الدمية الشهرة هناك “بيلد ليلي” تركهم يعيدون التفكير في الأمر.

تعاملت المخرجة غريتا مع هذه القصة بشكل ذكي وعاطفي، فإذا كان قالب الفيلم موجه للصغار فقلبه لا، التعمق في ماضي ابتكار الدمية جعل من الفيلم مميزًا بل أكثر من ذلك تجاوزنا أمر تجريد الجماد من الحركة والمشاعر، إنه أشبه بفيلم بيكسار “قصة لعبة” إذ أن للدمى حيوات خاصة وعالم خلف فطنة البشر. إن الفيلم يغوص في مفاهيم دنيوية بشكل عاطفي يتركنا نعيد التفكير في الموت والحياة والحب، وكي تخفف غريتا حدة ذلك حاولت مزج عنصر الكوميديا فكتبت مشاهد طريفة ونكات أثارت ضحك الجمهور من حولي، إنه فيلم كوميدي عالي الفعالية بعيدًا عن الكرينج السائد في هاته النوعية من الأفلام في هوليوود الجديدة. إنه أكثر فيلم استطاع أن يضحكني منذ أعوام.
رغم كل هذا فخلطة الأجندات أفسدت الأمر برمته، إنه فيلم يندرج ضمن سياسات وإتجاهات حقيرة لا مبرر لها، فيلم أو منتوج نسوي أزيد من أي مثيل له، أظهر الرجل على أنه مجرد آداة تستعمل لتدوير عجلة العالم النسوي ومطالبه، بين احتقار الرجل واستصغاره يتأرجح هذا الفيلم، أحسست بإحراج وأنا أشاهده مع الفتيات والنساء، رغم أن النص حاول تلطيف الأمر وجعله كوميديًا لكن فشل ذلك معي وسيفشل مع أي “إنسان واعٍ”.
هناك بعض الأمور التي انتقدها الفيلم بذكاء، كاستغلال الرأسمالية لمعاناة الناس وتحويل مشاعرهم لسلع قابلة للبيع لهم بالذات. فأنت المنتوج وأنت المستهلك.
أعجبت بمارغو روبي التي تم اختيارها لكي تلعب دور باربي لكن في الأخير تفوقت على باربي نفسها، رايان غوسلينغ بدوره جيد بل أكثر من جيد.
Music Credits : Make Your Own Kind Of Music, Artist : Mama Cass – Writers : Cynthia Weil, Barry Mann