ديكستر مورغان الإنسان الوحش، الشيء الذي وُلد بالعدم والذي لا يملك هوية. إذا أردنا التعمق بعالم الشخصيات التلفزيونية.
ربما كتابياً يعتبر الأفضل، فالإنسان يولد ويتطور تصاعدياً ويمتلك المشاعر بدرجات متفاوتة على مراحل مختلفة في حياته، أما ديكستر فوُلد عكسياً، قوقعة فارغة نضجت بالعبث والعدم واللاوجودية والفراغ، باختصار كان ك “الوحش بلا اسم” ولا أعلم هل ربما كلنا كذلك؟!
اليّن واليانغ، الظلام والنور كالشر والخير .. الخ. أمثلة كثيرة على ذلك لكن ديكستر كان اليّن فقط، الذي يشتهي ويسعى إلى اليانغ ولكن لم يستطع أبداً الوصول إلى الذي حُرم منه.
سيناريو المسلسل يسأل بشكل جوهري ماذا لو أن الإنسان تجرد من مشاعر الرحمة والخوف أو أيّ طبائع انسانية؟ ماذا لو كنا آلات نتحرك بفعل غريزة إرضاء الشهوة، يشتهي الدم ويبرر فعله ببطولة التخلص من الشر؟
لا أبداً، ديكستر كان يعلم أنه وحش عديم الرحمة يتغطى بغطاء الانسانية منذ البداية وأنه لولا شيفرة والده هاري لتحول إلى شيطان بدون قيود كضحاياه يقتل حثالة المجتمع وقمامته ويتخلص منهم بأكياس قمامة سوداء ترميزاً لانحطاط قيمة ضحاياه بالنسبة له. فهو موظف جنائي بقسم الشرطة ولكنه غير مؤمن بصحة القانون وعدالته وما انفك يحاول البقاء تحت جناح النظام العدلي لكن القضاء والقوانين دائماً ما تثبت فشلها وانعدم فعاليتها فهل نستطيع لومه؟
كما قلنا بالبداية ديكستر وُلد عكسياً لذلك عاش حياة الانسان الطبيعي بشكل معاكس، امتلك شغف بالقتل ومتعة ليس لها مثيل , ورؤية الدماء أمامه تعتبر مضخة أدرينالين بجسده، هذه هي طبيعة أي قاتل متسلسل لكن شيفرة والده قيدته ووضعت له قوانين لولاها لكان روح شيطانية تجوب الأرض وتقتل بلا هوادة.

هنالك عدة عوامل ساهمت بتغييره بشكل رئيسي على مواسم العمل بالكامل. الأخ ،الحبيبة، ومن ثم الزوجة، ومن بعدها الأطفال والأصدقاء والعائلة السعيدة وحتى العامل الديني – إن كان هذا يثبت شيء فهو تكامل هذا العمل على امتداد مواسمه الثمانية رغم انخفاض المستوى في النهاية.
كل هذا أقنعه أكثر بحاجته للقتل لكن ليس بدافع الشهوة ولكن من أجل الحماية ومن أجل هدف نبيل وهو تخليص العالم من الشر، شهوته للدماء اكتسبت غطاء النبل على مدار عشرات الحلقات والضحايا الذين ساهموا بتغييره حتى اختفت بالكامل بتناسق كتابي وفلسفي ممتع جداً.
تم طرح المبدأ الميكافيليي “الغاية تبرر الوسيلة” بقوة بشكل أو بآخر على مدار مواسمه ال 9 لكن! أيعقل أن يُترك المرء لاختيار أية وسيلة يريدها دون أن يضع لها معايير تحفظ المجتمع من الدمار والقتل والتفكك والفساد، فتصبح الحياة مليئة بالفوضى بعيدة كل البعد عن النظام الذي يحفظ الأمن والأستقرار؟ كيف لحياة أن تقوم على قاعدة تسلب الأمن والأمان من الحياة اليومية فتبرر للحاكم قتل شعبه! ومن ثم تبرر للأخ قتل أخيه ! الغاية تبرر الوسيلة، فلينظر كل واحد منا إلى نفسه، ربما يجد أنه يتبنى هذه القاعدة عملياً في مكمن سره، فلا ينظر إلى الوسائل التي توصله لغاياته من حيث القيم والمبادئ والمشروعية.
السؤال الذي يطرح نفسه، إن كان لتلك القاعدة كل هذه الأضرار فهل نستطيع أن نلغيها من حياتنا، ونعتبرها قاعدة شاذة لا تصح بأي شكل من الأشكال؟ هذا المبدأ كان ساحة لعب حوارية لدى كتاب المسلسل وفي عقل ديكستر تحديداً، وتم مناقشة هذه الأفكار ذهاباً واياباً في عقله بأسلوب رائع.
عاصرنا القتل المجرد من أي هدف , والأمراض النفسية والحب الذي يتخلله الجنون والأصدقاء والعشيقة والزوجة والعائلة والأطفال السعداء ودروس الدين من خلال موسمه السادس وتأثيره على نفسه وحتى بحين من الأحيان حاول التأقلم مع راكبه المظلم والعيش معه بتناغم لكن لم يستطع ابداً، فكلها كانت عوامل شكلت الشخصية المثالية ذات التطور المثالي.
بنظري الشخصي كل موسم جديد كان ديكستر يدفع راكبه المظلم إلى الخارج ويتحول بالفعل إلى انسان يملك عيوبه ومزاياه فهو كان وحشً لكنه اكتسب اسماً له بجدارة.
اذا أعجبك المقال يمكنك دعم الكاتب والمنصة عبر العملات الرقمية
Music Credits : composed by Daniel Licht, produced by Showtime, and released by Milan Records in 2007 – WMG (on behalf of Milan Records); UNIAO BRASILEIRA DE EDITORAS DE MUSICA – UBEM, CMRRA, LatinAutorPerf, SOLAR Music Rights Management, ASCAP, LatinAutor – SonyATV, Sony Music Publishing, and 12 Music Rights Societies

GM in Cinatopia
Movie Critic