تحليل رمزيات فيلم MOTHER

فيلم إثارة ورعب، أو من المفترض كذلك. ستختلف عوالمه بشكل تصاعدي وغير متوقع. تتحدث القصة عن شابة تقضي أيامها في تجديد القصر الفيكتوري الذي تعيش فيه بالريف مع زوجها. فجأةً، يطرق شخص غريب على الباب في إحدى الليالي، ليصبح ضيفًا غير متوقع في منزلهما. وفي وقت لاحق، وصلت زوجته وطفلاه أيضًا للترحيب بهما.
لكن سرعان ما يبدأ الرعب بالانتشار، عندما تحاول الزوجة المحاصرة معرفة سبب كون زوجها ودودًا للغاية ويتكيف مع الجميع ما عداها.

البداية، وتحديداً النصف الساعة الأولى، هي الأهم، رغم بعض الملل في هذه الفترة. ذلك لأنّ هذه القصة عبارة عن تعبيرات رمزية، أكثر من كونها قصة جليَّ وبيّنة. وهذا هو أسلوب المخرج الرائع “دارن آرنوفسكي”، الذي دائماً ما يصيغ هيئة ممزوجة بالألم بقصص موجعة نفسياً ومليئة بالرمزيات الممتعة إلى حد بعيد.

إخراجياً، كان الفلم بسيط وواضح. وهو من نمط الأفلام التي تصوّر بمكانٍ واحد – وهو المنزل.
أما من الناحية التصويرية، فتم الاعتماد بشكل أساسي على أسلوب ال “Close Up Shots”، التي كانت مهمة، خاصةً لقلة الشخصيات الموجودة بالفيلم. استطاع هذا الأسلوب جعل الجميع يصبون جلَّ تركيزهم على الشخصية الرئيسية، والتي هي “جينفير لورانس”. كما اندمجَ العمل تماماً مع ال “Over The Shoulder Camera”، حيث ساعد هذا الأسلوب في نقل تفاصيل حياة شخصية “جينفير” إلينا بشكل أقوى وأفضل.

تبدأ الحبكة والأحداث تصاعدياً بأسلوب مثير لغريزة التساؤل لدى المشاهد، وطوال الوقت: “من أين أتى الضيف؟”؛ “لماذا هم وحدهم في منتصف المجهول؟”؛ “ما بال طيبة الزوج الغريبة وغير المتوقعة؟”؛ “لماذا الضيوف كانوا عديمي المبالاة والاهتمام وغير محترمين للخصوصية والمنزل ويعاملنه كأنه منزلهم الخاص؟”.
بالنسبة لي، هذه الأسئلة لقد استطاعت تكوين فكرة معينة عن الفيلم؛ فأيّ شخص من البديهي أن يفهمها.

تحليل الرمزيات كان بسيطاً وواضحاً. الأب الكاتب، الفاقد للشغف، والذي لا يستطيع إكمال أعماله الكتابية“الإله” يشعر بالملل! باختصار، الضيف الذي دخل قصراً هو “آدم” – بداية العرق البشري، وطيبة الوالد المبالغ بها ليست إلّا بداية للخلق. من ثم تأتي “حواء” الزوجة، ويليها أطفالها. ستكون هذه الأفكار أوضح بعدما مارست الجنس مع زوجها الذي حصل بشكل غريب ومستفز.

يليهم بالكاميرا بعد هذا المشهد مباشرة الأبناء. التكاثر بدأ وحصلت الجريمة المعروفة! لقد قتل قابيل لهابيل، ومن ثم الأحداث كانت هي العزاء البداية الحقيقة للجنس البشري، البشر بتكاثر وحقارة مخيفة. أمّا الأم الطبيعة، فلم تعد تستطيع السيطرة عليهم، بينما الوالد مستمتع فقط بالتبجيل، ولا يهتم بالأم أبداً، فتم ارتكاب خطيئة أدت لطردهم من الفردوس ألا وهي انكسار حوض الماء الشبيه بطوفان “النبي نوح”، الذي غسل المنزل من جديد.

وجد الأب الإلهام بعد حمل زوجته. وحقيقةً، لا أراها سوى ترميز “للسيد المسيح” وولادته وإكمال مخطوته، والتي هي “الشرائع السماوية” التي جعلت العالم يبدأ بالتغيير. حصلنا بهذه الحبكة على دورة حياة البشرية بمشاهد سينمائية مستفزة لخطايا البشر على مر الزمان، والأم التي تحاول إنقاذ نفسها والهرب مما يحصل لها.

البشر دمروا منزلها. قتلوا طفلها الذي ولد من رحمها. ولم يبقوا شيء على سواه. الوالد يهرب وينكر طوال الوقت قدرته على المساعدة، كل الأشخاص الذين طلبوا مساعدته ماتوا وقتلوا أو دمروا، على الرغم أنّه هو من أوجدهم بمخطوتاته وكتاباته، ومن ثم يطفح الكيل مع الأم فتلجأ إلى تطهير ذاتي قام بتنقية ثوبها من الدنس بمشهد نهائي أكثر من رائع، نرى فيه ولادتها من جديد واستغلالها من جديد.

الفلم ليس للجميع، ولن يناسب الجميع الكل انقسموا مابين كرهه و حبه. لكن لا أحد يستطيع الإنكار أنّ “ارنوفسكي” أبدع في تصوير قضية الخلق ودورة حياة البشر من البداية إلى النهاية بساعتين من السينما الجذابة


اذا أعجبك المقال يمكنك دعم الكاتب والمنصة عبر العملات الرقمية

2 صوت - التقييم 4.2
Tags: 26742674