كسر الجدار الرابع وتحطيم مشاعر المشاهدين من قبل كاتبة “FLEABAG” العبقرية، التي تدعى فيبي والر بريدج والتي هي بطلة سلسلتنا نفسها!!
نتتبع الحياة المليئة بالضجة لبطلتنا في مدينة الضباب “لندن” حيث سيكون لنا الدور بمرافقتها خلال منعطفات حياتها الشخصية ومصاعبها من تحديات ومشاكل تعاني منها، مشاركة إيانا أعمق أسرارها بتعليقات جذابة وساحرة لاذعة للتخفيف أو الزيادة من الحدة الدرامية للموقف وثقل الأفكار التي يناقشها المسلسل.
فليباغ هل هي شخصية ولدت من رحم الألم؟ أم هي من اختارت تقديسه؟
عندما تخسر الوجود الروحي والحياة مالذي سيبقى سوى البقاء المادي للأنسان؟
فليباغ شخصية خسرت الكثير وتمنت الكثير ولكنها لم تبقي سوى جسداً، الجسد الذي كان مهربها الوحيد هي ليست بشخصية شهوانية ليست مدمنة على الجنس ابداً بل حبست نفسها داخل جسدها فقط هاربة من حياتها محاولة أن تتخلى عن مصاعبها ومشاكلها، في جسد حبيب، صديق، عشيق مؤقت.
من فعلتها كانت إشارة صارخة وواضحة أنها أغلقت المجال لضميرها ولم تسمح له أن يحاكم عقلها بعد الأن، استسلمت للجموح في المشاعر والعاطفة ممارسة أقسى مشاعرها في الغير لا بنفسها لا بعقلها حتى مغلقة الطريق خلفها بابتسامتها الساحرة وأسلوب حديثها الجذاب مقنعة نفسها…
صديقتي لم ترحلِ بسببي، أختي ليست مضطربة بسببي ويجري الأمر تباعاً على أمها وأبيها سوف أرمي كل شيء بأعماقي وأقتل مشاعري ببطء..
ربما النسيان نعمة على الإنسان في وقت ونقمة عليه في وقت آخر.
عبقرية فيبي والر بريدج لم تتجلى فقط بالسيناريو الرائع والمتماسك والممتع تارة و التراجيدي تارةً أخرى بل بأداة فنية نادراً ما نشاهدها على التلفاز كما رأيناها مع فليباغ ولم نرى أحداً استغلها بالطريقة التي استغلتها فيبي والر “كسر الجدار الرابع” من خلاله أصبحنا أصدقائها، من خلاله أصبحنا الأشخاص الوحيدين الذين نعرف بمعاناتها في عائلتها المضطربة.
إن كان اباها المتردد في خياراته وقراراته، أو أختها التي لطالما كانت مذعورة من خياراتها بشكل دائم وزوجة والدها الخبيثة التي لم أستطع تحديد إذا كانت تحبها أم تكرهها لحد الآن.
– جملة اعتراضية لذكر كم كانت أوليفيا كولمان جذابة في هذا الدور – مشاركتنا حياتها قدم لنا كمشاهدين مشاعر حميمة أكثر وارتبطتنا مع شخصيتها بشكل اكبر لحظات تملأ الأعين بالدموع ولحظات ترسم ابتسامة على وجهنا ولحظات أخرى كانت مليئة بالضحك الهستيري.

و سوف أتحدث قليلاً عن اندرو سكوت لأنه بالطبع قدم شخصية من الصعب تخطيها ومحورية جداً في حياة محبوبتنا فليباغ .
القس صاحب الشخصية المتحررة الممتعة والساخرة في بعض الأحيان هكذا سأسميه تخيلوا يا اصدقاء أننا لم نسمع اسم شخصيته طوال الأحداث!!
ربما هو بالفعل هو كان رحلة خلاص نفسي أكثر من كونه شخصية حقيقة في حياتها لفليباغ
الشيء الممتع هنا هو معالجة شخصيتها لا بالإيمان ولا بالدين، لأنها صرحت بشكل مباشر أنها ملحدة وليست مؤمنة، بل أغلقت باب الإنفتاح الإيماني بشكل مطلق حتى!
ولكنها بنفس الوقت آمنت بخياره وآمنت بقيمه الشخصية المختلفة عنها، لأنها ربما كانت المرة الأولى التي رأت فيها تعلق روحي أكثر من تعلقها بجسدها المادي.
في النهاية عندما اختار الكنيسة على الحبيبة ربما صحيح أن فليباغ بكت دموع كثيرة ولا أعتقد أنها تحسرت على علاقتها معه ابداً.. ربما لم يعطيها أي قيم دينية أو وجدانية أو روحية في داخلها لكنه أوجد التوازن في روحها الممزقة، ذهب في المشهد الأخير تاركاً إياها مختاراً كنيسته عنها لكنها احترمت قراره لأنها نضجت من خلال هذه المرحلة الجديدة والمختلفة في حياتها لقد منحها شيئاً مشابهاً للخلاص النفسي..
يسعدني أن اقول فليباغ من أجمل وأروع ما تمت كتابته في السنوات الأخيرة على صعيد السيناريو الثقيل والافكار الدرامية التي تمتلك وزن ضخم وكيفية معالجتها بشكل سلس.
السؤال المعتاد هل يستحق المسلسل المتابعة أم لا؟! سأقول الصراحة لقد تعثرت في هذا العمل بالصدفة المحضة ولكن يا لها من عثرة أتمنى الوقوع فيها دائماً، عمل يستحق وقتكم بكل تأكيد.
اذا أعجبك المقال يمكنك دعم الكاتب والمنصة عبر العملات الرقمية

GM in Cinatopia
Movie Critic