لا يزال مسلسل “أركين” أكثر المسلسلات التلفزيونية إبهارًا وكثافة بصرية على الإطلاق، مما يوضح سبب بقاء الرسوم المتحركة الوسيلة الأكثر جرأة للمبدعين في نقل الخيال. فبعد ثلاث سنوات من الانتظار المُرهق، جاء الجزء الثاني من مسلسل الأنميشن Arcane ليفجر جميع أنواع العواطف والمشاعر في كل حلقة، وكل مشهد، وكل لحظة.
مسلسل Arcane يُعد ظاهرة غير مسبوقة، حيث استطاع أن يبني علاقة حقيقية بين شخصياته الخيالية والواقع، وجعل منها رموزًا لا تقل شأنًا عن أي رمز شعبي آخر.
الجزء الثاني من Arcane كان مقسمًا إلى ثلاث فقرات، تضم كل منها ثلاث حلقات. ويُعتبر تكملة لقصة صراع الطبقات والدستوبيا التي بدأها الجزء الأول من خلال صراع الأختين “باودر (جينكس)” و”فاي”. وبالفعل، بدأ الجزء الثاني بأحداث نارية تفوقت في كثير من الأحيان على الجزء الأول، مع مستوى إبهار لا ينخفض أبدًا.
الجزء الثاني قدم رسومات أكثر دقة وحيوية مقارنة بالسابق، مع إعداد ألوان مركزة ومدروسة. كما احتوى على موسيقى تصويرية مذهلة، كما تعودنا من الجزء الأول، ولكن هذه المرة بتنوع أكبر وأغانٍ أصلية أكثر.
استطاع الخط الإخراجي العام أن يصنع كاريزما خاصة لكل شخصية بشكل منفصل، دون أن يطغى حضور إحداها على الأخرى، باستثناء حضور “جينكس” بالطبع. ومع ذلك، فإن لكل شخصية مكانتها المثقلة بعناصر الإبهار، بدءًا من الأداء الصوتي، مرورًا بالأزياء، وصولاً إلى التصرفات والسلوك.
السيناريو عميق جدًا وجريء، يحاكي الصراع الطبقي الحقيقي والصراع الأزلي بين الشعب والسلطة، وبين الاستقامة والفساد. سيناريو غني بالأفكار الفلسفية والعلمية والنقدية.
خط القصة العام يجري ضمن أحداث مثيرة للغاية وتصاعدية لا تتوقف، حيث تزداد بها وتيرة التوتر الطبقي حتى بدأت تتبلور لتصبح بداية حركة تمرد بقيادة “جينكس” في مدينة “زاون” المضطهدة. هذه الثورة تستهدف الإطاحة بسلطة مدينة “بيلتوفر” الأرستقراطية. لكن، وللأسف، عند نقطة انفجار جوهر تلك الأحداث التمهيدية، تم تحوير القصة إلى خط مختلف تمامًا في الفقرة الثالثة والأخيرة من الجزء الثاني، بدون أي تمهيد لذلك، وهذه سلبية المسلسل الوحيدة.
الفقرة الثالثة لم تكن سيئة، لكنها لم تكن في مكانها أو زمانها الصحيحين. فبالرغم من جمال آخر ثلاث حلقات، إلا أنها أبعدتنا عن رؤية “جينكس” تقود الثورة المنتظرة منذ ثلاث سنوات. وبدلاً من ذلك، تم نقل الصراع إلى مستوى أكثر عمومية وفي ساحة قتالية أخرى بترتيبات وصفوف وخنادق مختلفة. تحول الأمر من صراع بين يوتوبيا ودستوبيا إلى صراع إنساني بين التطور والذكاء الصناعي وبقاء الإنسان!
بالطبع، تصوير تلك الزاوية الأكثر تعقيدًا من الصراع لم يكن سيئًا، لكنه جاء بشكل مفاجئ ومكثف جدًا. كان من الأفضل إنهاء الخط الأصلي للقصة بالطريقة الكلاسيكية، ومن ثم صناعة جزء ثالث يركز فقط على الخط الأعلى للقصة الذي فقد الكثير من محتواه بسبب ضيق الوقت.
على الرغم من ذلك، فإن هذا التحور لم يقلل من إرث هذا المسلسل العظيم، والذي يعتبر أفضل أنميشن في التاريخ.
Music Credit : Twenty One Pilots – The Line (from Arcane Season 2)
CEO-Founder of Cinatopia
Movie Critic