“آه الموسيقى .. سحر يتجاوز كل ما نقوم به هنا” قالها آلباس دمبلدور في أول يوم ل”هاري بوتر” في “هوغوورتس” وكم كان محقا
لو كنت ملماً بعالم برودواي الساحر فإن اسم Wicked لن يكون غريباً عنك، إنها المسرحية الموسيقية الأشهر والأطول عرضاً في برودواي، في الواقع فكرة وجود ممثل ما ضمن طاقم هذه المسرحية لهو دليل حاسم على موهبة تمثيلية وقدرة غنائية استثنائية، إذ تمتلك هذه المسرحية شعبية كاسحة وخصوصية واضحة جعلت فكرة تحويلها إلى فيلم سينمائي من بطولة “أريانا غراندي” و”سينثيا إيريفو” مقلقة بعض الشيء، لكن الفيلم نجح تماماً في نقل سحر برودواي إلى الشاشة الكبيرة مانحاً إيانا تجربة موسيقية سينمائية مميزة يصعب أن تنسى.
يبدأ الفيلم من عالم أرض “أوز” المفعمة بالألوان والدرب الأصفر الشهير الذي سلكته “جودي غارلاند” أيقونة هوليوود يوماً لتنسج بداية ملحمية لمسيرتها الاستثنائية، هناك نرى الاحتفالات والتهليلات الفرحة كيف ولا وقد انتهى أمر ساحرة الغرب الشريرة، عقب سؤال وجهه أحد الأطفال إلى غليندا الساحرة الطيبة يعود بنا الفيلم إلى الماضي مستعرضاً الحياة المريرة التي عاشتها “إلفابا ثروب” الطفلة المسكينة التي ولدت ببشرة خضراء والتي ستكبر لتصبح ساحرة الغرب الشريرة ذات يوم إضافة إلى العلاقة المضطرية والصداقة القدرية التي جمعت كلاً من الساحرتين غليندا وإلفابا.
لم يكن Wicked مجرد قصة طفولية مبتذلة كما قد تتوقع, إنما كان حكاية إنسانية عن الاختلاف والعنصرية وتقبل الآخر بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى، كان قصة مؤثرة عن صدمات الطفولة التي تُصقل شخصيتك كبالغ, الأمر الذي كان عاملاً أساسياً في نجاح الفيلم ونيله للرضا النقدي والجماهيري الكاسح، لكن هناك سببا آخر أكثر وضوحاً .. إنه طاقم الفيلم, الذي كان وبحق مثالياً
تبدو غراندي لطيفة للغاية في الفيلم, إنها أشبه بكعكة مُثقلة بالكريما, جميلة رقيقة كما لك أن تتوقع ماهية غليندا الطيبة، بمدى صوت استثنائي عالي الطبقات تنجح المغنية الشهيرة في أداء المقطوعات المطلوبة بسلاسة وإتقان متقمصة ببراعة دور الساحرة الطيبة المحببة، إنها تينكر بيل نسخة عالم أوز اللطيفة الطيبة التي رغبت أكثر من أي شيء آخر في مساعدة صديقتها البائسة الموصومة بالبشرة الخضراء، في ويكيد أثبتت غراندي أنها أكثر من مجرد صوت جميل وأنها بحق تمتلك قدرات تمثيلية تحترم وقادرة على المنافسة بلا هوادة
لكن مفاجأة الفيلم الحقيقية كانت الرائعة سينثيا إيريفو التي أذهلتنا بصوتها الغني المخملي الذي يتشقق تحت وطأة الرفض والسخرية التي عانت منها إلفابا، عيناها تظهر الكدمات والألم المتراكم بسبب سنوات من التنمر والإساءة والنبذ, تلك الكدمات التي لا نستطيع رؤيتها على وجهها الأخضر المغلف بقناع صلب من الشر، إنها ليست ساحرة شريرة أخرى ممن تزخر بهن الحكايات إنها طفلة محطمة لم ترغب في شيء إلا الاندماج مع أقرانها، وامرأة دمرها اختلاف لون بشرتها. لقد استطاع أداء إيريفو الرائع منح الفيلم عمقاً إنسانياً توّج بأداء موسيقي جبار, خاصة عندما صدح صوتها مغرداً أغنية Defying Gravity الأيقونية الشهيرة بطريقة خيالية تنافس أهم نجمات برودواي.
رغم التحولات اللونية المنقسمة بإصرار بين الوردي والأخضر والتي قد تكون غير مريحة تماماً ومدة الفيلم البالغة ساعتين ونصفاً, إلا أن ويكيد ينجح في نسج حكاية مؤثرة لطيفة مضحكة، واقتبس ذلك السحر الأسطوري الذي دائماً ما كان علامة فارقة في عالم أوز، إنه تجربة موسيقية منعشة ومتعة أصيلة تعيد للأذهان حقيقة ذلك الألق الذي جعل من برودواي ولأعوام طويلة صخرة صلبة لم تحطمها تقنيات السينما الحديثة.
نال الفيلم استحساناً نقدياً غير مسبوق يضاف إلى جماهيرية كاسحة صادمة، لعله وجود غراندي المحبوبة بشدة أو لربما حقيقة أن Wicked عمل متكامل يليق باسمه التاريخي وبالشاشة الكبيرة، فهل تتحدى إلفابا الجاذبية نحو الأوسكار؟
مما نراه ونتوقعه فإن فرص سيطرة ساحرة الغرب على أرفع جوائز عالم السينما في تصاعد متزايد رغم وجود منافسة شرسة موسيقية، كذلك إنه فيلم ماريا لأنجلينا جولي، فهل تتغلب ساحرة الغرب على صوت القرن؟ كل ما يمكننا فعله حالياً هو انتظار الحفل والاستمتاع بالسحر الخلاق المذهل والممتع لذلك العالم الساحر الذي لا يهرم عالم أوز.
Music Credit : “Defying Gravity” Performed by Cynthia Erivo (featuring Ariana Grande) From Wicked – Music & Lyrics By Stephen Schwartz
Movie Critic