تحليل وريفيو فيلم Everything Everywhere All at Once من إنتاج شركة A24 الداعمة للسينما المستقلة ومن إخراج Daniel Scheinert وDan Kwan
مع اقتراب إفلاس مغسلتها وضعف ارتباطها مع زوجها تكافح إيفلين وانج المرهقة للتعامل مع كل شيء، بما في ذلك العلاقة الممزقة مع والدها المقعد غونغ وابنتها المراهقة جوي، كما لو أن مواجهة أزمة منتصف العمر القاتمة لم تكن كافية فيجب على إيفلين أن تستعد لصدام غير سار مع بيروقراطية مصلحة الضرائب الأمريكية.
وبلحظة غضب وفقدان سيطرة ينفجر صدع الأكوان المتعددة الذي لا يمكن تفسيره وتبدأ مغامرة استكشاف مفتوح للأكوان الموازية. فهل تستطيع إيفلين المنهكة أن تستوعب قوة الاحتمالات التي لا يمكن إحصائها؟
بسبب كثرة الأحداث والوقائع المتشابكة فمن الصعب جداً تعقب جميع الأفكار في الفيلم لكن وبالرغم من ذلك يمكن التماس الخطوط العريضة والمهمة.
الفيلم يدخلنا بمغامرة إنسانية وكونية جامعة لكل أشكال العواطف والظواهر تماماً كأول بند من عنوانه Everything وكل ذلك في إطار خيال علمي وفانتازي ساحر , على الرغم من أن الفيلم برأيي لا يمكن إدارجه تحت تصنيف الخيال العلمي بل إنه مجرد إطار شكلي وأسلوب لطرح الفكرة التي من الممكن طرحها بأنماط مختلفة أقل متعة من ما شاهدناه، لكن اختيار نظرية الأكوان المتعددة والسفر عبر الأكوان لتكوين لوحة واقعية كان خيار عبقري ومدهش، وهذا ما يفسر برأيي عدم المنطقية بإمكانيات التكنولوجيا السطحية الشكل المستخدمة للسفر عبر الأكوان فهي ليست إلا أدوات رمزية وغير مهمة في إطار السياق الدرامي للعمل لأنه ببساطة لا يتحدث عن الأكوان الموازية بشكل خاص بل عن دورة الإنسان وعلاقته بالطبيعة وبمن حوله من زمان ومكان وأشياء وعلاقات.

تحليلي الشخصي هو أن الفيلم يظهر حتمية انصهار الإنسان بعالم الفيزياء والطبيعة بالرغم من رغبته العميقة بالتحرر خالي المعالم، هذه الرغبة غير المفهومة حتى للعقل الواعي هي قد تكون محاولة للهروب من قبضة المادة والقوانين الفيزيائية التي تجرفنا بعنف وبدون إرادة في فضاء حلقة مفرغة من التكرار والرتابة، وهذا ما يمثله الثقب الأسود على شكل قطعة دونات الذي يدور في فضاءه كل شيء غير قادر على الهروب من جاذبيته المخيفة، أما الفراغ في منتصف الدائرة ليس إلا تعبير عن العدمية الحتمية واللاغاية في الوجود.
فوجود كل شيء ليس إلا نتيجة احتمالات لا نهائية وضرورة إحصائية، وهذا يعيدنا إلى أبسط التفاصيل اليومية التي قد تتمثل في ورقة مرسوم عليها دائرة محيطة بمعادلات رياضية لحساب الضرائب لعائلة صينية مهاجرة متواضعة، كل شيء مرتبط فمن الذرة وإلى الذرة نعود.
ومن هذا المنطلق نستطيع التعمق أكثر بفهم المشكلات الأزلية كصراع الأجيال والرغبة بالاستمرار والخوف من المجهول وفي نهاية الأمر من نحن!
سوى جزء غير مرئي من الكون تماماً كالصخر , جزء فيه كل شيء ولا يملك أي شيء، جزء لا يلاحظه الوجود بل يستمر بالعمل معه أو بدونه، وبعد الصراع الملحمي مع الحقيقة والوهم وبالنهاية قبول ورفض وقبول كل ما سبق نستطيع فهم داخل الإنسان بعمق , وهذا ما تفسره ظهور العين الثالثة أو عين العقل وهي مفهوم باطني وصوفي للعين التأملية التي توفر إدراكًا يتجاوز الرؤية العادية وعندها فقط يصل الإنسان مرحلة التواضع ويكتشف أن أكثر المغامرات العقلية تعقيداً تنتهي بأبسط المفاهيم الجميلة الموجودة دائماً بأكثر الحالات فوضوية وهي الحب والعائلة والروابط والعيش بسلام.
اذا أعجبك المقال يمكنك دعم الكاتب والمنصة عبر العملات الرقمية

CEO-Founder of Cinatopia
Movie Critic
1 Comment
Comments are closed.