“الإغريق القدماء كانوا يعتقدون أننا خُلقنا بأربع أذرع، وأربع أرجل، ورأس بوجهين، لكن زيوس خاف من قوتنا، فقام بتقسيمنا إلى قسمين مختلفين، وحكم علينا أن نقضي حياتنا في البحث عن نصفنا الآخر.”
– أفلاطون، رسالة المأدبة.
بهذا الاقتباس، قرر الجار “جيمي” توضيح نظريته عن الارتباط لجارته “ميلي” في فيلم Together، ولعل فكرة الفيلم برمتها مختبئة، بطريقة ما، بين سطور تلك الرسالة.

يستعرض فيلم Together للمخرج “مايكل شانكس” علاقة حب بين شاب طموح يعشق الموسيقى يُدعى “تيم” وفتاة تطمح إلى حياة مستقرة في الريف وتعمل معلمة في مدرسة ابتدائية اسمها “ميلي”. بعد انتقالهما إلى الريف في محاولة لإحياء علاقتهما، يقع الزوجان داخل مغارة غامضة حيث يشربان من بركة ما، فتتحول حياتهما الزوجية إلى كابوس.
من خلال هذه العلاقة، يحاول الكاتب “شانكس” وهو نفسه المخرج، تجسيد جميع المخاوف والهواجس والرغبات الباطنية في عقل الإنسان المتعلقة بالارتباط والعائلة والطفولة. وقد نجح في تصوير الحالة التي تترافق فيها الرغبة الشديدة في الحصول على الشريك مع الخوف المفرط من فقدان الذاتية، بسبب تلك الرغبة نفسها، والتي تؤدي في نهاية المطاف إلى جسد واحد وروح واحدة. هذه الغاية في التوحد تروج لها أغلب الأديان، ومثلها الفيلم في طائفة محلية غير محددة المعالم.

الفيلم يختزل تلك اللحظة الشهوانية التي يشعر فيها الإنسان برغبة جنسية هائلة تجاه الشريك، إلى حد تدفعه إلى ابتلاعه والالتحام به من شدة الحب، وهي لحظة تتحول إلى أنانية مفرطة. وعندما يقابلها قبول من الطرف الآخر، تتحول إلى انتحار جماعي إرادي على المستوى النفسي والفردي. هذا الوصف تحديدًا استخدمه الجار “جيمي” عند سؤاله عن مصير الطائفة الدينية التي كانت قائمة في القرية. تلك اللحظة الضبابية المعالم هي توق ميتافيزيقي مثالي لا يمكن ملامسته في الواقع، لكن المخرج “شانكس” قرر تبنيها ومدّها لخلق حالة مربكة، مليئة بالذعر والمعاناة، تمامًا كالكثير من العلاقات الزوجية والعائلية.

CEO-Founder of Cinatopia
Movie Critic