تحليل ختامية مسلسل الغموض DARK

“الغموض لا يكمن في كيفية نشأة العالم، بل في فكرة وجوده من الأساس” لودفيغ فيتغنشتاين

كتبها الفيلسوف لودفيغ فيتغنشتاين سابقاً والآن نستطيع قلب سياقها قليلاً: “الغموض لا يكمن في كيفية نشأة الإنسان، بل في فكرة وجوده من الأساس”

نهاية مسلسل Dark ما زالت بالنسبة لي مرعبة، وضعت وجود الإنسان في كفة ثقيلة من العبثية والاحتمالات، بل وضعت المشاهد نفسه في حيرة وهو يتساءل: هل سيأتي يوم وأكون مجرد احتمال كوني على هامش العالم وأختفي دون دراية؟

عندما توصلت كلوديا لسبب العقدة توصلت لحقيقة أن يوناس ومارثا مجرد خطأ تجربة لا أكثر، مجرد خلل في مصفوفة العالم، وأن كل ما عاشه يوناس ومارثا ككائنين بشريين مجرد سلسلة من الأوهام في عالم غير معترف عليه، وأن الألم والحب والموت والمأساة والفرح مجرد وهم!

عندما أخبر آدم ايفا بالحقيقة وأخبرها ضرورة عدم وجودهما لم تتردد ايفا كما ولم تتردد مارثا في قبول عدم وجودها، لكن هل عدم التردد يعكس حقيقة الإنسان والكائن البشري بجرأته بعدم وجوده؟

. هل آدم وايفا / يوناس ومارثا مجرد شخصيات درامية قررت التوجه لعدم الوجود ويعكسون جميعهم رغبة صارمة في عمق الإنسان بعدم الوجود؟
. هل النهاية كانت مجرد نهاية شاعرية لبطل وبطلة يضحيان بأنفسهما من أجل عالم لا يتواجدان به؟
. هل أنانية الإنسان لا تكمن بإصراره على وجوده؟ هل يستطيع الإنسان حقاً أن يتقبل عدم وجوده؟

وهنا لنتكلم عن فكرة عدم الوجود بعيداً عن الدراما والفيزياء. الوجود هنا ليس العدم، الوجود هنا هو عدم الوجود فقط، وليس فقط عدم الوجود، بل عدم الإحساس بعدم الوجود.

ليتخيل الإنسان نفسه لم يولد كي يمت، ولم يمت كي يولد، بل ليتخيل نفسه لم يوجد من الأساس، أو وَجِدَ لكن لسبب ما لن يوجد بعد الآن. ولنفرق حقاً بين الموت وعدم الوجود، فالموت ربما لديه خصائص نجهلها، لكن عدم الوجود هو عدم الوجود ببساطة.

أتذكر المشهد الأخير من Dark والعالم الحقيقي الذي يتواجد به سلسلة من الشخصيات يجلسون على مائدة العشاء، بينما الشخصيات الأخرى التي عشنها معها ألمها وفرحها وصدماتها ودموعها وموتها وحياتها لم تمت، لم ترحل، لم تسافر، بل هي لم توجد واسمها لم يُكتب في سطور الزمن والعالم.

يوناس / مارثا / اورلريش / شارلوت / نوح / اليزابيث والكثير من الشخصيات التي انتهى وجودها بتدمير العقدة، هل لو سألوهم قبل تدمير العقدة إن كانوا يفضلون وجود الوهم على عدم الوجود هل كانوا سيفضلون اللا وجود؟

هل يستطيع الإنسان حقاً أن يتقبل عدم وجوده بينما الكثير من الوجود يجلس على مائدة العشاء؟


اذا أعجبك المقال يمكنك دعم الكاتب والمنصة عبر العملات الرقمية

1 صوت - التقييم 6